Wednesday, October 29, 2008

قصة سكة حديد مصر مع الدولة العثمانية!


2,3 مليون نسمة يركبون يوميًّا الآن خطوط السكك الحديدية بمصر.. ولكن ربما لا يعرف البعض قصة سكك حديد مصر مع الخلافة العثمانية!!.

فالخط ثاني أقدم سكة حديد في العالم بعد خط السكك الحديدية الذي يربط بين مدينتي مانشستر وليفربول في إنجلترا، والذي تم إنشاؤه عام 1830.

وتحتفل مصر هذه الأيام بمرور 150 عامًا على إنشاء أول خط سكة حديد خارج أوروبا، وهو ما يربط بين مدينتي الإسكندرية والقاهرة، والذي تم إنشاؤه عام 1851، حينما كانت مصر إحدى دول الخلافة الإسلامية التي اهتمت بتعبيد الطرق في دولها، وبين بعضها البعض، وذلك بهدف ربطها ببعضها البعض، وسهولة التنقل، والأخذ بكل جديد آنذاك، وقد أنشأت بعد سنوات خط سكك حديد ربط بين تركيا /ودول الشام/ وبغداد/ والحجاز.

وقد وقّع الخديوي عباس الأول عام 1851 مع البريطانى "روبرت ستيفنسن" - نجل جورج ستيفنسن مخترع القاطرة الحديدية - عقدًّا بقيمة 56 ألف جنيه إنجليزي لإنشاء خط حديدي يربط بين العاصمة المصرية والإسكندرية بطول 209 كيلومترات.

ونص العقد على دفع المبلغ على أقساط، قيمة كل قسط 8 آلاف جنيه إنجليزي، وأن يتم التنفيذ في غضون ثلاث سنوات بشرط أن توفر مصر العمال والأطباء والأدوية والخيام للمشروع.

وكان "محمد علي" مؤسس مصر الحديثة هو أول من فكّر في إنشاء السكك الحديدية، وكان ذلك باقتراح من الإنجليز الذين حاولوا بناء علاقات جيدة مع مصر منذ لفتت الحملة الفرنسية عام 1798 أنظارهم إلى أهمية موقع مصر وتأثير هذا الموقع على إمبراطوريتهم في الهند إذا ما وقع تحت تأثير فرنسا، وكان المصريون قد طردوا الحملة الفرنسية عام 1801، وحاولت إنجلترا احتلال مصر فيما عُرف بحملة "فريزر" عام 1807، فتقرب الإنجليز كثيرا من "محمد علي" حاكم مصر تحت ظل الخلافة العثمانية، فاقترحوا عليه عام 1834 فكرة إنشاء سكك حديدية بمصر.. ولم يتم لاعتبارات الصراع بين فرنسا وإنجلترا.

وترجع قصة سكك حديد مصر كما يرويها "رشاد عبد السلام" مدير متحف الهيئة القومية لسكك حديد مصر قائلا: "إن إنجلترا عرضت على "محمد علي" إنشاء خط بين السويس والقاهرة، ووصلت إلى مصر بالفعل كميات من القضبان إلا أن فرنسا التي كانت تسعى لتنفيذ مشروع قناة السويس، أقنعت والي مصر بأن بريطانيا تهدف من وراء عرضها أن تفصل الدولة المصرية عن العالم الإسلامي؛ فتراجع عن الفكرة.

يقول عبد السلام: إن عام 1854 شهد تسيير أول قاطرة على الخط الحديدى فى مصر بين الإسكندرية ومدينة كفر الزيات فى منطقة الدلتا، وأشار إلى أن عربات القطار كانت تعبر مياه النيل فى المدن المختلفة بواسطة المعديات قبل إنشاء الجسور الحديدية على المجرى المائي.

وأضاف "كان القطار يقف عندما يصل إلى فرع النيل، وينزل الركاب ليعبروا فى معديات وينتظرون لمدة ساعة أو ساعتين بالمدينة يتناولون خلالها الطعام والشراب، ثم يركبون القطار بعد عبوره أيضا على المعديات".

وقال مدير متحف السكك الحديدية: "إن الخط الحديدي بين القاهرة والإسكندرية اكتمل عام 1856، وبعد عامين تم افتتاح خط بين العاصمة المصرية والسويس، ثم بدأ إنشاء خط القاهرة بورسعيد بعد عامين آخرين، ولم يشرع في إنشاء خط حديدي في صعيد مصر إلا في عام 1867.

يُذكر أنه تم إنشاء متحف الهيئة القومية لسكك حديد مصر فى عهد الملك فؤاد الأول عام 1933، ويقع بجوار محطة مصر، أو باب الحديد، والتي تغير اسمها بعد نقل تمثال رمسيس إليها إلى محطة رمسيس بالقاهرة، وبداخل هذا المتحف بانوراما شاملة عن السكك الحديدية من خلال المئات من المقتنيات الأصلية والوثائق والنماذج والصور.

ويضم المتحف الذي يتكون من طابقين قطار الخديوي سعيد الذي أهدته له فرنسا عام 1862، وهو عبارة عن قاطرة وصالون فخم ملحق به، وظل حكام مصر المتتابعون يستعملونه فى التنقل بين مصيفي المنتزه ورأس التين بالإسكندرية حتى عام 1898، ويقول مدير المتحف عن هذه القاطرة: "إنها سليمة تماما ويمكن تسييرها الآن، ولكنها تحتاج إلى الفحم!!.

ويحتوي الطابق الثاني على نموذج للقطار الخديوي الذي صنع في نهاية الخمسينيات من القرن التاسع عشر، وظل يستخدم حتى عام 1929، ويتكون القطار من ست عربات تم صنعها في دول مختلفة وتبدأ بعربة ضباط الحراسة خلف القاطرة مباشرة تليها عربة الأميرات ثم عربة الخديوي التي بُنيت في الولايات المتحدة عام 1858، وتحتوي على مقصورة لتحية الجماهير وعربتين للعائلة المالكة ثم عربة الوزراء.

يضم المتحف صورا نادرة لرجال يقفون على شريط القطار، ويقومون بتوجيه حركة القطارات باستخدام الأيدي والأعلام، وذلك قبل أن تُعرف وسائل التحكم الميكانيكية والكهربائية.

ويضم الطابق الثاني أيضا نماذج لمحطات مصرية عتيقة، وجسورا وتذاكر ترجع إلى بدايات القرن الماضي كانت قيمتها تقل عن نصف المليم الذي يساوي واحدا من ألف من الجنيه المصري.

كما توجد بالمتحف ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية كانت تمنح للوجهاء، وتسمح الذهبية منها لحاملها بركوب الدرجة الأولى في القطار مجانا، وباصطحاب خادم يركب في الدرجة الثالثة، بالإضافة إلى مقدار معقول من المتاع.

وبعد مرور 150 سنة.. تضاعفت شبكة السكك الحديدية المصرية، وزاد مجموع أطوالها حاليا عن تسعة آلاف كيلومتر يسير عليها 1300 قطار يوميا، كما يقول المهندس "مصطفى قناوي" مدير هيئة سكك حديد مصر لقطاع التشغيل.

ويضيف أن خبراء من أسبانيا يقومون بإعداد دراسة جدوى لإنشاء قطار "فائق السرعة" بين الإسكندرية وأسوان على ثلاث مراحل بسرعة تتجاوز 300 كيلومتر في الساعة، وأن هناك دراسات أخرى تتناول سبل الانتقال للقاطرات التي تعمل بالكهرباء بدلا من قاطرات الديزل الحالية، والتي حلت في الستينيات من القرن الماضي محل قاطرات الفحم والمازوت.

وشارك في الاحتفال بمرور قرن ونصف على سكة حديد مصر وزراء النقل العرب، وأعرب الدكتور "عاطف عبيد" رئيس الوزراء المصري عن أمله في تحقيق التكامل بين الدول العربية والأفريقية وربطها بقارة أوروبا بمسارات خطوط سكك حديدية.

وقال "إبراهيم الدميري" وزير النقل المصري خلال الاحتفالية: إنه يجري حاليا إنشاء الخط الحديدي الذي يمتد شرقا في سيناء ليربط مصر مع فلسطين والشام بسرعات تصل إلى 160 كيلومترا في الساعة؛ لتكون مصر قد نجحت فى ربط قارة أفريقيا بالأشقاء في العالم العربي والإسلامي بغرب آسيا.

No comments:

Counter